خطبة الجمعة 29 أكتوبر 2021م “المرافقُ العامةُ بين تعظيم النفعِ ومخاطرِ التعديِ” ، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة القادمة 29 أكتوبر 2021م : المرافقُ العامةُ بين تعظيم النفعِ ومخاطرِ التعديِ ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ: 22 ربيع الأول 1443هـ – 29 أكتوبر 2021م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 أكتوبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : المرافقُ العامةُ بين تعظيم النفعِ ومخاطرِ التعديِ :
أولاً: لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 أكتوبر 2021م ، للدكتور خالد بدير: المرافقُ العامةُ بين تعظيم النفعِ ومخاطرِ التعديِ ، بصيغة word أضغط هنا.
ثانياً: لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 أكتوبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : المرافقُ العامةُ بين تعظيم النفعِ ومخاطرِ التعديِ ، بصيغة pdf أضغط هنا.
ولمشاهدة الخطبة المسموعة علي قناة صوت الدعاة علي يوتيوب
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
و للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
و للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 29 أكتوبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : المرافقُ العامةُ بين تعظيم النفعِ ومخاطرِ التعديِ : كما يلي:
أولًا: أهميةُ المرافقِ العامةِ في حياة الإنسانِ
ثانيًا: صورُ التعدي على المرافق العامةِ
ثالثًا: واجبُنَا نحو المرافقِ العامةِ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 29 أكتوبر 2021م ، للدكتور خالد بدير : المرافقُ العامةُ بين تعظيم النفعِ ومخاطرِ التعديِ : كما يلي:
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليه ونستغفرهُ ونؤمنُ به ونتوكلُ عليه ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه، صلى اللهُ عليه وسلم.أما بعدُ:
أولًا: أهميةُ المرافق العامة في حياة الإنسانِ
لقد خلقَ اللهُ الإنسانَ وسخرَ له كلَّ ما في هذا الكونِ. قال تعالى: { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ}. (الجاثية: 13). وقال سبحانَهُ وتعالى: { وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}. ( إبراهيم: 34). ومن بين هذه النعمِ ( المرافقُ العامةُ ) ، كالطرقِ والمدارسِ والجامعاتِ والمؤسساتِ الحكوميةِ والبحارِ والأنهارِ وغيرِها من النعمِ التي لا تعدُّ ولا تحصى ؛ كما قال تعالى:
{ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } (النحل: 18).
وهنا وقفةٌ لطيفةٌ، فتجد أنّ اللهَ ختمَ الآيتين بخاتمتين مختلفتين، ففي سورةِ إبراهيم خُتمتْ بقولهِ تعالى:
{إنّ الإنسانَ لظلومٌ كفار}، وأما في سورةِ النحلِ فخُتمتْ بقولهِ تعالى:
{إنّ اللهَ لغفورٌ رحيم} فما تعليلُ ذلك؟
ولتلمس العلة في ذلك- واللهُ أعلمُ- أنقلُ ما ذكرَهُ الطاهرُ بن عاشورٍ في تفسيرهِ التحريرِ والتنويرِ حيثُ يقولُ: «وقد خولفَ بين ختامِ هذه الآيةِ (آيةُ النحلِ)، وختامِ آيةِ سورةِ إبراهيم؛ إذْ وقعَ هنالك {وإن تعدوا نعمت اللهِ لا تحصوها إن الإنسانَ لظلومٌ كفار} لأنّ تلك جاءتْ في سياقِ وعيدٍ وتهديدٍ عقب قولهِ تعالى:
{ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت اللهِ كفرًا} فكان المناسبُ لها تسجيلَ ظلمهِم وكفرهِم بنعمة اللهِ.
وأما هذه الآيةُ فقد جاءت خطابًا للفريقين، كما كانت النعمُ المعدودةُ عليهم منتفعًا بها كلاهما. ثم كان من اللطائفِ أنْ قوبلَ الوصفان اللذان في آية سورةِ إبراهيم {لظلومٌ كفار} بوصفين هنا {لغفورٌ رحيم} إشارة إلى أنّ تلك النعمَ كانت سببًا لظلم الإنسانِ وكفرهِ، وهي سببٌ لغفران اللهِ ورحمتهِ. والأمرُ في ذلك منوطٌ بعمل الإنسانِ».
وأقفُ وقفةً عند قولِ الإمامِ ابن عاشور :
” والأمرُ في ذلك منوطٌ بعمل الإنسانِ” فأقول: إنّ المرافقَ العامةَ نعمةٌ، فإذا استخدمتَها استخدامًا صحيحًا سليمًا وحافظتَ عليها فقد شكرتَ النعمةَ وأديتَ حقَّها، فبذلك تنال الرحمةَ والمغفرةَ {إن اللهَ لغفورٌ رحيمٌ}!! أما إذا أسأتَ استخدامَها وأسرفتَ فيها، أو تعديتَ عليها وقمتَ بإتلافِها، فقد ظلمتَ نفسَكَ وكفرتَ بالنعمةِ ولم تؤدِ حقَّها، وبذلك دخلتَ في دائرة الظلمِ والكفرانِ: { إنّ الإنسانَ لظلومٌ كفار}!! فالأمرُ في ذلك منوطٌ بعمل الإنسانِ!! بل تكون من صنف المفسدين في الأرض؛ لأن اللهَ – عز وجل – نهى عن الإفساد في الأرض فقال سبحانه: { وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا } [الأعراف: 56]، وأخبرَ جلّ وعلا أنه لا يحبُ الفسادَ والمفسدين فقال مبينًا حالَ بعضِ الناسِ:
{ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ } [البقرة: 205] .
ومن هنا يتبينُ لنا أهمية المرافقِ العامةِ في حياة الإنسانِ، وأن الحفاظَ عليها ورعايتهَا شكرٌ للنعمةِ ؛ وأن التعدي عليها وإتلافَها كفرانٌ بنعمة اللهِ تعالى .
ثانيًا: صورُ التعدي على المرافق العامةِ
إنّ التعدي على المرافق العامةِ له صورٌ عديدةٌ، ومن هذه الصورِ:
سوءُ استخدامِ المياهِ والإسراف فيها:
فقد دعا الإسلامُ إلى نظافة المياهِ وذلك بالمحافظة على تنقيتِهَا وطهارتِهَا، وعدمِ إلقاء القاذوراتِ والمخلفاتِ والبقايا فيها، باعتبار أنّ الماءَ أساسُ الحياةِ، وقد جاءت أوامرُه – صلى الله عليه وسلم – ناهيةً عن أنْ يُبالَ في الماء الراكدِ أو الجاري ، فَعَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : ” أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ” (مسلم) ، وفي روايةٍ: ” لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ ” (متفق عليه).
والعلةُ من ذلك حتى لا تنتشر الأمراضُ والجراثيمُ، وبهذا سبقت السنّةُ بالحث على حماية البيئةِ من التلوث، بل عُدَّ للمقصرِ في الطهارة عذابٌ أليمٌ، فَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم – عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: “إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ”( متفقٌ عليه).
كذلك نهى الشارعُ الحكيمُ عن الإسراف في المياه؛ فقد مَرَّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ ، فَقَالَ : مَا هَذَا السَّرَفُ ؟ فَقَالَ : أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ. ” (أحمد وابن ماجه).
ومنها: إيذاءُ الناسِ في طُرقهِم :
بأيِّ نوعٍ من أنواعِ الأذى , فقد أخرجَ الطبرانيُّ، أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: « مَنْ آذَى المُسْلِمِينَ في طُرقِهِمْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ ». ويدخلُ في الأذى من يؤذي المارةَ بدخانِ سيجارتِه، وقد ورد نهيٌ صريحٌ – أيضًا – عن النوم في الطريق؛ لأن الطريقَ للمرور وليس محلًا للنومِ.
بل ينبغي على المسلمِ أنْ يرفعَ عن الطريق ما يُؤذي المارةَ من حجرٍ أو شوكٍ أو كلِّ ما يسببُ ضررًا بالآخرين، وهذا من كمالِ الإيمانِ وإحدى شُعبهِ؛ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ – أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ – شُعْبَةً , فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ , وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ ) ( متفقٌ عليه) . بل عدَّه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصدقات فقال:
“ وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ”(مسلم)، بل إنّ ذلك قد يكونُ سببًا في دخولِكَ الجنة؛ قال صلى الله عليه وسلم: «نَزَعَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَط غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ إِمَّا كانَ في شَجَرَةٍ مُقَطَّعَةٍ فَأَلْقَاهُ، وَإِمَّا كانَ مَوْضُوعًا فَأَمَاطَهُ فَشَكَرَ الله لَهُ بِهَا فَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ».( البخاري ومسلم) .
يقول الإمامُ بدرُ الدينِ العيني:
« اعْلَم أَنّ الشَّخْصَ يُؤجرُ على إمَاطَةِ الْأَذَى، وكلِّ مَا يُؤْذِي النَّاسَ فِي الطَّرِيق، وَفِيه دلَالَةٌ على أَنّ طرحَ الشوكِ فِي الطَّرِيقِ وَالْحِجَارَةِ والكناسةِ والمياهِ الْمفْسدَة للطرق وكلِّ مَا يُؤْذِي النَّاس يخْشَى الْعقُوبَة عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَا شكّ أَنّ نزعَ الْأَذَى عَن الطَّرِيق من أَعمالِ الْبرِ، وَأَنّ أَعمالَ الْبر تكفرُ السَّيِّئَاتِ وتوجبُ الغفران، وَلَا يَنْبَغِي للعاقل أَنْ يحقرَ شَيْئًا من أَعمال الْبرِّ، أما مَا كَانَ مِن شجرٍ فَقَطعَهُ وألقاهُ، وَأما مَا كَانَ مَوْضُوعًا فأماطَهُ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا كُلِّه قَوْلُه تَعَالَى: {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} (الزلزلة: 7). وإماطةُ الْأَذَى عَن الطَّرِيق شُعْبَةٌ من شعب الْإِيمَانِ. ».( عمدة القاري ).
ومنها: التخلي في الطريقِ ومواضعِ الظلِّ:
وذلك باعتبارها أماكنٌ يركنُ إليها المارةُ للراحةِ من وعثاءِ السفرِ، وعناءِ المسيرِ، وربما لأنّ الشمسَ لا تدخُلهَا فلا تتطهر فتصبحُ محطَّ الأوبئةِ وموضعَ الأمراضِ، وقد حذرتْ منه السنةُ النبويةُ المطهرةُ أشدَّ التحذيرِ، بل جعله – صلى الله عليه وسلم – مما يجلبُ اللعنةَ على صاحبهِ، سواءٌ لعنةُ اللهِ أم لعنةُ الناسِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ” اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ ” قَالُوا: وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : “ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي ظِلِّهِمْ ” وفي رواية: ” اتَّقُوا الْمَلاَعِنَ الثَّلاَثَ: الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَالظِّلِّ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ. ” . (أبو داود وابن ماجه والحاكم).
ومنها: سرقةُ التيارِ الكهربائيِّ:
وهي جريمةٌ نكراءٌ شنعاءٌ ؛ وسارقُهَا سارقٌ للأمة كلِّهَا ؛ وهو مِن أكلِ أموالِ الناسِ بالباطل . قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } ( النساء: 29).
ومنها: إتلافُ الأشجارِ والزينةِ ومصابيحِ الإنارةِ:
فهذه الأشجارُ والزينةُ والإنارةُ قد غرستها الدولةُ في الطرقات والمنتزهاتِ، وغيرِها من الأماكن العامةِ، لأغراضٍ مختلفةٍ ، والتعدي عليها وإتلافها أمرٌ منهيٌّ عنه شرعًا حتى مع الأعداء ؛ فهذا أبو بكر – رضي اللهُ عنه – لَمَّا بعث يزيدَ بن أبي سفيان إلى الشام على ربع من الأرباع، أوصاه قائلًا: يا يزيدُ:
” لا تَقتلوا كبيرًا هَرمًا، ولا امرأةً، ولا وليدًا. ولا تُخرِّبوا عمرانًا، ولا تقطعوا شجرةً، إلاَّ لنفع، ولا تعقرنَّ بهيمةً إلاَّ لنفع، ولا تُحرِّقنَّ نخلًا، ولا تُغرقنَّه، ولا تَغدِر، ولا تُمثِّل، ولا تجبن، ولا تغلل، ولينصرن الله مَن ينصره ورسلَه بالغيب، إنَّ اللهَ قويٌّ عزيز”[البيهقي في الكبرى]؛ هذا في حال الحربِ مع العدوِّ، فما بالُكَ في حالِ السلمِ؟! جاء في سننِ أبي داود؛ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:” مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً فِي فَلَاةٍ يَسْتَظِلُّ بِهَا ابْنُ السَّبِيلِ وَالْبَهَائِمُ عَبَثًا وَظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ يَكُونُ لَهُ فِيهَا، صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ”.
ومنها :تخريبُ وتدميرُ المنشآتِ العامةِ:
فإن مَن يقومُ بذلك من حرقِ المنشآتِ العامةِ وإتلافِ الحدائقِ يُعدُّ من صور التعديِ على المرافقِ العامةِ ، وقد توعدَ اللهُ هؤلاء بقولهِ جلّ وعلا:{ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } . ( المائدة: 33) .
ومنها: تشويهُ حوائط المنشآتِ العامةِ بالكتابةِ:
وهذا شائعٌ وكثيرٌ، وهو ما يقومُ به الشبابُ والفتياتُ والطلابُ بالكتابة على جدران المدارسِ والجامعاتِ والمراحيضِ ومواقف المواصلاتِ العامةِ وغيرِها.
ثالثًا: واجبُنَا نحو المرافقِ العامةِ
أيها الإخوةُ المؤمنون:
إنّ واجبَنَا نحو المرافقِ العامةِ أنْ نحافظَ عليها ، وأنْ نقومَ بحقوقِهَا ، وقد جمع النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم آدابَ الطريقِ وحقوقَه والمرافقِ العامةِ في حديثٍ جامعٍ شاملٍ مانعٍ، فعن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ، فَقَالُوا:
مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ:
غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ »؛ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
واعلموا أنّ مَن أخذَ شيئًا من المرافق العامةِ أو استحلَّهُ بقصدٍ أو غير قصدٍ ، فإنّه غلولٌ يأتي به يومَ القيامةِ؛ فعن عدى بن عميرة رضى الله عنه قال: سمعت رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: ” مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا (إبرة) فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولًا (خيانةً وسرقةً) يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”.(مسلم).
فعلينا أنْ نربيَ أبناءَنَا وبناتِنَا على حرمةِ المرافقِ العامةِ والحفاظِ عليها، ولنضربْ لهم مثلَ سلفنَا الصالحِ وورعهم تجاه المرافقِ العامةِ ، ومن هذه المواقفِ النبيلةِ، ما روي عن أبي بكرٍ المروزي: أنّ شيخًا كان يجالسُ الإمامَ أحمدَ بن حنبل -رحمه اللّه- ذا هيبةٍ، فكان أحمدُ يقبلُ عليه ويكرمُه فبلغه عنه أنه طيَّن حائطَ دارهِ من خارج، قال:
فأعرضَ عنه في المجلس فاستنكرَ الشيخُ ذلك فقال: يا أبا عبدَ اللّهِ هل بلغكَ عني حدث أحدثتُه؟ قال: نعم، طينتَ حائطَكَ من خارج، قال: ولا يجوز؟ قال: لا؛ لأنك قد أخذتَ من طريق المسلمين أنملةً قال: فكيف أصنع؟ قال: إما أن تكشطَ ما طينتَهُ، وإما أن تهدمَ الحائطَ وتواخره إلى وراء مقدار أصبعٍ ثم تطينه من خارج قال: فهدم الرجلُ الحائطَ وأخّره أصبعًا ثم طينه من خارج، قال: فأقبل عليه أبو عبدٌ اللّهِ كما كان” (قوت القلوب) . فاعلموا أنّ الأمرَ جدُّ خطيرٍ، وإياكم إياكم من التعدي على المرافق العامةِ بجميع صورِ التعديِ، قولوا لكلِّ من استحلَّ شيئًا منها؛ أنه يأتي به حاملَهُ على رقبته يومَ القيامةِ ، يقول تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}. (آل عمران: 161).
فعلينا أنْ نحافظَ على المرافق العامةِ، وأنْ نكونَ صورةً مشرفةً حضاريةً لمصرنا الحبيبةِ أمام العالم ِكلِّه .
نسأل اللهَ أن يحفظَ بلادَنا من كل مكروهٍ وسوءٍ ،،،،،،
الدعاء،،،، وأقم الصلاةَ،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
و للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
و للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف